الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة حينما يترجم المفكّر العربي "جورج طرابيشي" أثرا عالميا مثل رواية "زوربا"

نشر في  04 جويلية 2018  (11:34)

قليلة هي الكتب التي تدفع إلى تغيير الموقف أو النظرة من الحياة، لكن ندرتها والأثر الذي تتركه لدى القارئ يضمنان لها الخلود وذيوع الصيت. رواية زوربا اليوناني لكاتبها اليوناني نيكوس كازانتزاكيس الصادرة في طبعتها الأولى عام 1946، التي لم يقتصر نفوذها الأدبي على مجال الرواية بل امتد إلى السينما والموسيقى وحتى الفلسفة، كانت من جنس الروايات الحاثة على التفكير في الحياة.

كانت للرواية مشتقاتها الكثيرة؛ إضافة إلى النص الذي ترجم إلى العشرات من اللغات، فقد تحولت إلى فيلم سينمائي حظي بدوره برواج غريب (فيلم ألكسيس زروبا للمخرج اليوناني مايكل كاكويانيس وبطولة أنتوني كوين) وكانت لها موسيقاها بلحن الموسيقار ميكيس تيودوراكيس، وترتبت عن الرواية أيضا رقصة شهيرة أصبحت تمارس جماعيا في الشوارع والساحات لتعبر عن الاقتران بالحرية والانطلاق. ولا تقتصر “منتجات” الرواية على الترجمات وعلى الفيلم والموسيقى والرقصة، بل تمتد أيضا إلى مفردات أخرى اختطها الكاتب وفرض نحتها في ذاكرة كل قارئ للكتاب: شخصيات الكتاب؛ باسيل المثقف الثري الراغب في استثمار أمواله، وألكسيس زوربا الرجل الأمي الذي عجن ثقافته بطين التجارب والأسفار وهي الثقافة التي أتاحت له أن يكوّن موقفا مختلفا من الحياة قوامه صون إنسانيته من كل التهديدات “تخلصت من الوطن، تخلصت من الكاهن، تخلصت من الماء. إنني أغربل نفسي. كلما تقدم بي العمر غربلت نفسي أكثر. إنني أتطهر. كيف أقول لك؟ إنني أتحرر، إنني أصبح إِنسانا”. آلة السنتوري التي يعزف بها زوربا آلامه وأشجانه، والحوارات العميقة التي تتقصد سبر أغوار النفس الإنسانية، كلها مشتقات للكتاب يعسر أن تغادر ذاكرة كل قارئ.

زوربا وفق ما نشرته صحيفة العرب هي رواية تحكي في خطيّة زمنية حكاية صداقة بين رجل فقير وخبير بتفاصيل الحياة هو زوربا وشاب غني مثقف ومهووس بالقراءة والثقافة اسمه باسيل، صداقة تبدو غريبة، بين شاب يطمح إلى إيجاد طريقة لاستثمار ماله وزوربا الذي يقترح عليه منذ لقائهما في السفينة العمل عنده في رحلته إلى كريت.

يستقر الثنائي في القرية، ليتعرفا على صاحبة ما يشبه النزل هي بوبولينا، وهنا تنشأ علاقة بين زوربا وبوبولينا التي كانت سابقا صديقة لجنرالات مهووسين بجمالها طامعين في ممارسة الجنس معها، حتى انتهى بها الحال إلى أن تفتتح لها فندقا رخيصا في القرية بما تدبّرته من مال أثناء لعبها دور العشيقة، لتكون في الحكاية المحور الذي يذكّر بالماضي حول حكايات الحرب والوطن.

في المقابل تجدر الإشارة إلى أنّ المفكر العربي الراحل جورج طرابيشي كان قد عرّب إلى العربية رواية زوربا في جمالية لغوية لمست روح كل من عانقها، ويمكن ان تطّلعو على ترجمته عبر قراءة رواية لن تمحى من مخيّلتكم تجدونها في نسخ دار الاداب.

ونيكوس كازنتازاكيس، كاتب يوناني ولد عام 1885م بجزيرة كريت، درس الحقوق فى آثينا، ودخل الحياة السياسية اليونانية فى عام 1947م، من أهم أعماله رواية "الإغواء الأخير للمسيح"، وسيرته الذاتية التى كتبها فى "تقرير إلى جريكو"، رشح ثلاث مرات لنيل جائزة نوبل ولكنه لم ينلها، توفى عام 1957، وتعد "زوربا" من أشهر ما كتب، وتم إصدارها بالعربية عن دار الآداب اللبنانية، وتقع فى 316 صفحة من القطع الكبير."